(إلى محمود درويش)
بوسعك ان تكتب الآن، فالحبرُ بحرٌ،
ولو نفدَ البحرُ لن ينفد الحبرُ،
فاكتب،
ولو نفد الحبر لن تنفد المفرداتْ.
بوسعك ان تكتب الآن:
“ليس على هذه الارض ما يستحق الحياةْ”
على هذه الارض ما يستحق التوحد بالارضِ
فاكتب لسيدنا الموت
وارفعْ لآياته هيكلا عاليا
واستجب لصدى الزغرداتْ
يطرزها وجع الامهات نشيدا جديداً
لأولادهن الذين مضوا في الصباح،
فهل فرح العمر اكبر من وجع الامهاتْ؟
بوسعك ان تكتب الآن؛
جرحك مشتعل بالحرائق والموت
لا بالبنفسج والياسمين،
وجرحك مشتعل ببخور الكنيسة في “بيت لحم”
وجرحك مشتعل بالقبور التي عانقت بعضها في “جنينْ”
فكيف تنام وتحلم واللص يسرق عينيك؟
والليل يسكنه خنجر المجرمينْ؟
هل “انصرفوا” كي نعود الى بيتنا الارجواني،
نجلس فوق الاريكة،
نغفو،
ندلل قطتنا المستكينة،
نزرع وردا،
ونقطف بابونجا طازجا،
ونغني لليلى،
وننسى الوجوه الجريحة في خيم اللاجئينْ؟
هل “انصرفوا” كي يكون لنا زمن للدعابة والحب
والضجَر الآدمي؟
هل “انصرفوا” كي يكون لنا فرح البسطاء،
وبيت نزنّره بالسلام،
ونفرشه بالحنينْ؟
ونكتب ان “على هذه الارض ما يستحق الحياةْ”
وليس لنا فوقها حجر لنموتَ عليهِ
وليس لنا فوقها حجر لنقيم الصلاةْ؟
وهل فرح العمر اكبر من وجع الامهاتْ؟